مقالة بعنوان " لعلَّ الخير يكمن في الشّر"
Share |
2021-09-05
مقالة بعنوان " لعلَّ الخير يكمن في الشّر"

جميعنا تضجّر عندما زارنا ضيف ثقيل وغير مرحب به، فغير حياتنا بجميع مفاصلها والتزاماتها، إذ لم يقتصر ذلك التغيير على مستوى تعامل الفرد مع أسرته فحسب، بل انساق إلى مستوى تعامل الفرد مع مجتمعه بصورة عامة، ومحيطه الوظيفي بصورة خاصة.

وإذا ما سلطنا الضوء على مخرجات تأثير ذلك الضيف على المؤسسات التربوية والتعليمية، وأخص منها جامعتنا (جامعة الأنبار)، لوجدنا أننا نقف أمام نظام دراسي جديد مغاير لما اعتدنا عليه قبل زيارة الضيف غير المرحب به، فرأينا أننا خسرنا الكثير، وأرهقتنا نظم التعليم الجديدة، وامتعض الكثير منا من التعامل مع هذا النظام الالكتروني الذي دخل من دون استئذان، وفرض نفسه نظامًا تعليميًا بديلًا عن النظام التعليمي السابق،  وعند بداية ذلك المعترك وشظايا العصف الأول، رأينا أن التعليم يسير نحو الهاوية، لأسباب يتعلق قسم منها بجهل بعضنا في التعامل مع أنظمة التعليم الجديدة عن طريق بوابات (googlemeet)،(zoom)،(class room) وغيرها، وقد ألزمنا ذلك تهيئة مستلزمات نجاح ذلك التعليم بتفعيل البريد الإلكتروني الجامعي، وآلية إدارة الصف الإلكتروني، وطرق عرض (power point) أثناء إلقاء المحاضرة.. وغير ذلك، وقسم آخر من تلك الأسباب ينساق إلى اعتياد الرتابة في إلقاء المحاضرات، فضلًا عن الجانب النفسي للتدريسي والطالب على حدٍ سواء في تفضيل المحاضرة الحضورية لما لها من تأثير مباشر في عملية تلقي المعلومات، كلّ هذا وعند بداية التغيير الأول للنظام التعليمي وجدنا إن عِقدَنا قد حلت فصوصه، وإن الظلام قد أحتكم، والمحن قد اشتدت، وما إن جبلنا مغرمين على هذا النظام وخضنا في البحث عن أسراره، بدأت تتفتح مغاليقه، وبتنا نجيد قيادته وبوقت قياسي.

إنّ المحنة التي مررنا بها جراء زيارة ذلك الضيف، قد تحولت إلى منحة، وذلك بفضل الله ثم بفضل الإدارة الرشيدة، فبعدما كنا نتعامل مع التعليم عن طريق محددات الزمان والمكان، انطلقنا في مسارٍ آخر عنوانه التعليم عن طريق المعرفة، وقد أضفت تلك المنح لنا تجربة تعليمية ثانية مضافة لما نمتلكه ونكتنزه من خبرات تعليمية سابقة.

إنّ المعرفة المضافة مكنتنا من إخضاع الزمان والمكان لإرادتنا، فعلى سبيل المثال، نجد في الورش الإلكترونية إضافة معرفية لم نكن نعهدها سابقًا، فكم رغبنا التواصل مع أساتيذ خارج حدود الوطن لننهل من علمهم ونناقشهم في مسائل علمية وبشكل مباشر، فقد حققت لنا محنة الضيف تلك المنح، وأصبح بمقدورنا تحقيق رغباتنا وبشكل ميسور.

ختاما نقول، على الرغم من الآلام التي سببها لنا ذلك الضيف، فقد أوقدنا في تأريخ زيارته آمالًا وجدنا فيها السبيل للاستمرار وعدم الرضوخ والانكسار، بل وأوجدنا من رحم هذه الآلام عتبة لننطلق منها إلى معرفة أخرى مكتسبة تمكننا من الوقوف بقوة أمام الظروف القاهرة.

 

 لذا نقول يقينًا " لعلَّ الخير يكمن في الشّر". والسلام مسك الختام.

بـقـلـم

م.د. أنس ماجد شاحوذ الرفاعي

معاون مدير القسم لشؤون الطلاب

 

 
عدد المشاهدات : 461