يعد العراق من البلدان التي تتمتع بموارد اقتصادية وعناصر انتاج زراعي تجعله قادراً على توفير احتياجاته الغذائية وبحسب تقارير وزارة الزراعة العراقية فأن العراق يمتلك 26 مليون دونم صالح للزراعة وان المساحة المزروعة خلال فصل الشتاء بشكل فعلي بلغت 15 مليون دونم مما يعني ان العراق يزرع 57% من أراضيه الصالحة للزراعة لكن تبقى 43% من دون استثمار والتي بلغت 11مليون دونم ، اما المساحة المزروعة خلال فصل الصيف فقد بلغت 1,861,587 دونماً مما تشكل نسبة 7% من الأراضي الصالحة للزراعة أي نسبة 93% من المساحات لا تزرع خلال الصيف فضلاً عن امتلاك العراق موارد مائية سواء من الأنهار والروافد او المياه الجوفية تعد من مقومات استثمار الأراضي الزراعية.
يواجه الاقتصاد العراقي العديد من التحديات والصعوبات الاقتصادية بالرغم من ارتفاع أسعار النفط لتلامس 100 دولار للبرميل الواحد، ومن ابرز هذه التحديات هو تخفيض قيمة الدينار حيث ان الاجراء الذي قامت به الدولة نتيجة تعرض الاقتصاد العراقي الى ضغوطات بسبب تراجع الإيرادات النفطية في عام 2020 مما اضطر العراق الى اللجوء الى الاقتراض الذي كان بحوالي 27 ترليوناً لتغطية رواتب الموظفين والنفقات الأساسية وكان الهدف الأساسي من هذا التخفيض هو لزيادة القدرة التنافسية للمنتج المحلي لينافس المنتجات المستوردة في الأسواق المحلية وبالتالي زيادة النشاط الاقتصادي .
تكونت موجات تضخمية كبيرة جدا نتيجة تخفيض قيمة الدينار العراقي الذي قدرت قيمة التخفيض بـ 22% الا ان الموجات التضخمية تفوقه بكثير كان سببها هو طبيعة الاقتصاد العراقي الامر الذي جعل المستوردين والتجار يستغلون وضع التخفيض من خلال رفع أسعار البضائع المستوردة حتى الغذائية منها لتكون بأسعار مضاعفة متخذين ارتفاع سعر الدولار حجةً لهم، لكن نلاحظ ان هذا الارتفاع في الأسعار لم يقتصر على السلع المستوردة فقط لكنه طال حتى السلع المصنعة والمنتجة محلياً، مما يعني عدم تحقيق هدف رفع سعر الدولار وكان هذا لعدد من الأسباب من أبرزها هو عدم كفاءة المنتجات المحلية لتكون قادرة على الاحلال بدل المنتجات المستوردة وان معظم الصناعات المحلية تكون موادها الأولية مستوردة فضلاً عن استغلال التجار السياسة السعرية الجديدة وقاموا برفع أسعار منتجاتهم.
الإجراءات الحكومية في السيطرة على أسعار السلع الزراعية
من اجل التقليل من استغلال مسألة رفع الدولار ورفع أسعار السلع الزراعية سواء المستوردة او المنتجة محلياً قامت الحكومة باتخاذ العديد من الإجراءات او السياسات ، للحد من هذه الظواهر اذ لوحظ تراجع الأسعار - نوعاً ما - نتيجة زيادة القدرة التنافسية والتأقلم مع أسعار الدينار الجديدة، الا ان المواطن لازال يعاني من الارتفاع في الأسعار، لنجد ان السلع الزراعية التي يحتاجها المواطن البسيط والتي تشكل حوالي 80% من سلته الغذائية ترتفع وتتقلب أسعارها، ويعزى سبب هذا التقلب إلى فشل الإجراءات الحكومية في توفير الحماية الضرورية لأمنها الغذائي هذا من جانب ومن جانب اخر استغلال التجار والموردين وعملهم بأسواق احتكارية وهو ما لوحظ في أسعار السلع الزراعية خلال الشهريين الماضيين كان ابرزها صعود أسعار الخضر بشكل واضح حتى وصل الى الضعف في بعض المحاصيل تفسر هذه الزيادة بسبب موسمية الإنتاج التي تتحكم بالمعروض من السلع وتحكم التجار والمستوردين بخزن هذه المحاصيل والمواد الغذائية لحين شحتها في الأسواق، اذ قامت الحكومة بأخذ بعض السياسات كأجراء للحد من ارتفاع الأسعار محاولة للسيطرة عليها ومن بينها السماح بالاستيراد لكن لم ينجح هذا الاجراء كونه لم يكن استباقي مما جعل ارتفاع الأسعار مستمراً رغم تواجد الكميات الكبيرة في الأسواق اذ يجب على الحكومة والجهات المختصة ان تدرك متى تشح هذه المحاصيل في الأسواق لتقوم بفتح الاستيراد لقطع الطريق على مستغلي هذه الازمة، وان لا تسمح ان يكون المواطن ساحة لتقلب الأسعار حتى تنفيذ الاجراء اللازم والوصول الى أسواق مستقرة من ناحية الأسعار.
أهم العوامل التي تؤدي الى تقلب أسعار السلع الزراعية: -
يمكن توضيح أبرز العوامل التي تؤدي الى تقلب أسعار المنتجات الزراعية وكما يلي:
1. عدم استطاعة الحكومة في حماية المنتج المحلي بالشكل الذي يمنع دخول أي سلعة زراعية تزرع محليا وتحتاج الى دعم وتوفير كميات كافية منها ولاسيما في أوقات ارتفاع الطلب عليها ويتم ذلك من خلال ضبط المنافذ الحدودية الرسمية ومتابعة ومنع دخول السلع من المنافذ غير الرسمية.
2. عدم وجدود سياسة استباقية تضعها الحكومة تسيطر على تقلبات الأسعار بالرغم من تكرار هذه التجارب سنويا والتي تؤكد على ارتفاع الأسعار مع زيادة الطلب عليها وانخفاض المعروض منها اذ تستطيع الحكومة ومن خلال الطبيعية الموسمية للمحاصيل من تنظيم العرض والطلب في الأسواق الزراعية
3. عدم وجود سياسة تحديد الأسعار للسلع مقدر مع تكلفة انتاجها وصولاً الى المستهلك من اجل حماية الطبقات الهشة من جشع التجار.
4. عدم وجود جهاز رقابي حقيقي ومستقل لمراقبة أسعار السلع الزراعية ليقطع الطريق امام التجار والموردين من استغلال المواطن والتحكم في الأسعار.
5. عدم فرض ضرائب ورسوم على المنتجات والسلع التي تعد منافسة للسلع التي تنتج محالياً وإذ تم تنفيذ هذه السياسة يتحقق هدفين الأول هو دخول المنتجات المستوردة بأسعار مرتفعة ولا تستطيع منافسة المنتج المحلي مع الحصول على كميات عرض كافية من السلع الزراعية الأساسية اما الهدف الثاني هو تحقيق موارد نقدية يمكن تحويلها لدعم القطاع الزراعي وزيادة المنتج المحلي
م.م اركان مناور حمد
قسم شؤون الأقسام الداخلية