مقالة بعنوان "القطاع الزراعي في العراق بين الواقع وما نطمح له"
Share |
2021-11-15
مقالة بعنوان "القطاع الزراعي في العراق بين الواقع وما نطمح له"

من المؤكد ان معظم دول العالم تعمل على توفير حاجاتها من الغذاء بطرق مختلفة ضمن اطر الوسائل والإمكانيات التي تتوفر لديها، حتى ان بعض الدول ولاسيما التي يعتمد اقتصادها على انتاج النفط اقامت استثمارات لأراضي زراعية في دول أخرى من خلال تأمين عناصر الإنتاج الزراعي في تلك البلدان حتى يتم سد العجز الحاصل في الاحتياجات الغذائية في بلدانهم الى ان يتم تحقيق امن غذائي والوصول الى الاكتفاء الذاتي وبالتالي تخفيض استيراد تلك المواد واحياناً رفع صادراتها لتأمين نقد اجنبي يستخدم في عمليات واستثمارات أخرى، كما هو الحال في بلدان مجلس التعاون الخليجي عندما قامت بوضع استثمارات زراعية في الدول الاوربية والافريقية كونها تمتلك مساحات كبيرة  تصلح للزراعة، وهذا ما دفعنا الى التعرف على واقع القطاع الزراعي في العراق والوقوف على أسباب التراجع الكبير في الناتج الزراعي فضلا عن ضعف مساهمته في اجمالي الناتج المحلي ومعرفة أسباب تخلف المزارع والفلاح العراقي اذ ما قورن بمزارعي الدول المجاورة بالعراق ، وبهذا الصدد نستطيع ان نركز على الأسباب التي وقفت عائقاً امام تطور هذا القطاع اذ كانت بالدرجة الأساسية أسباب سياسية والتي تنقسم الى داخلية وخارجية فالداخلية منها تتعلق بالسياسة الاقتصادية والخطط التنموية غير الموفقة  والإهمال الكبير للقطاع الزراعي الذي أدى الى جعل العراق سوق كبير للسلع الزراعية المستوردة وجعلت الاقتصاد العراقي اقتصاد ريعي فقط يعتمد على استهلاك الموارد الطبيعية ومنها النفط الذي يساهم بالنسبة  الأكبر في تكوين الناتج المحلي الإجمالي والتي بلغت في عام 2020 (57%) أي ما يعادل (80%) من الموازنة العامة للبلاد  مما يعني ان العراق يعتمد بشكل كبير في توفير احتياجاته على النفط ومن أهمها المنتجات الزراعية ولا يخفى على الجميع الى ماذا يؤدي ارتفاع مستوى الاستيرادات عن مستوى الصادرات من خلال تسرب النقد الأجنبي فضلا عن تحكم الأسواق الخارجية بالأسواق الداخلية ، اما الأسباب السياسية الخارجية فهي تتمثل بسياسة الدول المجاورة والتي تعد المصدر الرئيسي للمياه العراقية وكميات المياه التي تدخل الى العراق وانخفاض مستوياتها في فصل الصيف ، أيضا هناك أسباب تتعلق بطبيعة المناخ العراقي الذي حدده موقعه الجغرافي مما تسبب بقلة الامطار المتساقطة التي أدت الى انتشار المناطق الصحراوية بمساحات واسعة  وهناك أسباب أخرى غير السياسية وهي تتعلق بالمزارع العراقي كانت نتيجة الاهمال الواضح من قبل الحكومات وعدم تقديم دعم للمزارعين وعدم وجود سياسة حقيقة تعمل على حماية المنتج المحلي الامر الذي أدى بالعاملين في المجالات الزراعية ترك العمل والبحث عن اعمال أخرى تحقق لهم دخولاً اعلى واحياناً اقل من التي يحققها في القطاع الزراعي لكن اعمالها اكثر راحة لان العمليات الإنتاجية الزراعية تقليدية وتعتمد بشكل أساسي على العمل البشري  والذي تسبب بارتفاع مستويات البطالة التي تجاوزت الـ(25%) من مستوى القوى العاملة في العراق في عام 2020 مما جعلها احد الصعوبات الكبيرة التي تواجه صانعوا السياسة الاقتصادية .

لذا مما سبق من مشاكل ومعوقات يتوجب علينا بإعادة النظر الى أهمية القطاع الزراعي والأسباب التي تحدث نتيجة اهمال هذا القطاع الحيوي ويجب ان نضع في حساباتنا ان استراتيجية الاعتماد على القطاع النفطي هي غير صحيحة لكنها تعتبر استراتيجية قصيرة الاجل وغير مهتمة بمستقبل الاقتصاد العراقي ، كون الغذاء يعد الوسيلة الأساسية التي تستخدم في الضغط على أي اقتصاد وهذا ما شهده العراق نتيجة العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه في تسعينات القرن الماضي اذ لم يعد لإنتاجه النفطي أي قيمة وكاد ان يمر بكارثة غذائية ومجاعة لولا نجاح بعض الاتفاقيات والخطط التي اهتمت بقطاع الزراعة لذا نتطلع الان الى ابراز دور القطاع الزراعي ليسهم في تقوية الاقتصاد العراقي من خلال اتخاذ بعض الإجراءات ومنها :

1.   الاهتمام بالقطاع الزراعي من خلال توفير الدعم وزيادة نسبة التخصيصات الاستثمارية لهذا القطاع وذلك من اجل استثمار الايدي العاملة كون مقومات تطور القطاع الزراعي متوفرة في العراق من مورد بشري وارض وموارد مائية.

2.    العمل على زيادة الإنتاج الزراعي وتوفير الدعم للقوى العاملة الزراعية لتشجيعهم في الاستمرار بالعمل في القطاع الزراعي فضلاً عن توعية وتدريب العاملين في مجال الزراعة وبث برامج زراعية تسهم في رفع مستوى الإنتاج والإنتاجية.

3.    استثمار الايدي العاملة من الذين يمتلكون مهارات زراعية مثل خريجي كليات الزراعة بإقامة مشاريع زراعية سواء قطاع عام او خاص كونها بالتالي تؤدي الى زيادة النمو الاقتصادي وتخفيض البطالة.

4.   العمل على حل المشاكل المتعلقة بالإيرادات المائية والتوصل الى اتفاقيات دولية وإقليمية تسهم في حل هذا الملف.

5.   ادخال تقنيات حديثة وعمل الي وتكنلوجيا متطورة لتخفيف الجهد على المورد البشري، واستخدام تقنيات ري حديثة تقنن من الاستخدام المفرط وفقدان كميات كبيرة من المياه

6.   وضع خطة تسويق حقيقة تحمي المنتج المحلي من جهة وتوفر احتياج الفرد من جهة أخرى اذ يتم تعويض العجز من الاستيراد فضلا عن تحديد أسعار بيعه الناتج المحلي من خلال دراسة تكاليفه وعدم السماح بالارتفاع الكبير عند منع الاستيراد من قبل الحكومة

اذ تم تنفيذ خطط تطوير القطاع الزراعي سنوفر احتياجات الافراد من شعبنا وتوفير فرص عمل تسهم في تخفيف مستويات البطالة المرتفعة في العراق فضلا عن إضافة مصدراً اخر يسهم في تكوين الناتج المحلي الإجمالي وإذ تم تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض السلع الزراعية سيكون العراق مصدراً للمنتجات الزراعية بدل من ان يكون مستورداً لها خلال مدة وجيزة من الزمن.

 

 

 

بقلم

م.م. اركان مناور حمد 

قسم شؤون الاقسام الداخلية

 

 

 

  

 

 

 
عدد المشاهدات : 706